البيان الثامن والعشرون

الخروج الجماعي للثوار في جميع مدن السودان اكد تصميم الشعب على رفض اتفاق حمدوك برهان وعلى إدانة الانقلاب العسكري .. المطلوب الآن توظيف هذه المواكب الهادرة لإقامة سلطة الشعب في الادارات المحلية وبناء سودان الحرية والسلام والعدالة في مدن السودان المتحدة

أولاً: لقد أكد الشعب السوداني في ٣٠ أكتوبر وفي ١٣ نوفمبر وفي ١٧ نوفمبر رفضه وادانته لانقلاب ٢٥ أكتوبر المشئوم، وطالب بمحاكمة مدبريه ومنفذيه من عساكر الانقاذ والجنجويد والمليشيات الملطخة اياديهم بدماء الثوار، ثم رفضت جموع الشعب الثائر اتفاق حمدوك برهان في مهده وفي يوم ولادته في ٢١ نوفمبر بإجماع وبتلقائية ومن غير تخطيط … ثم جدد الشعب وعيه العظيم، وتوج مواقفه الصلبة، بكل قوة وعزم وثبات في حشود اليوم الخامس والعشرين من نوفمبر، والتي كانت بحق ملحمة من اروع ملاحم النضال السلمي، في التاريخ البشري المكتوب.
ثانياً: من الجانب الآخر قامت ابواق الإعلام والدعاية المحلية، مسنودة بالقنوات الفضائية الخليجية والدولية، بإجراء المقابلات مع حمدوك، مرات كثيرة، في أيام معدودة، وقد بذل مقدمو البرامج اقصى ما يستطيعون من براعة، لتزيين مواقف حمدوك المرتبكة المتناقضة التي تمنح الشرعية للانقلاب العسكري المشئوم، وتتفق مع قتلة الثوار، وتكافئهم على جرائمهم، بدلاً عن محاكمتهم، وقد زعم حمدوك فيما زعم، أنه بهذا الصنيع المخالف للقانون، سوف ينقذ البلاد من الانزلاق نحو الهاوية، وسوف تجرى انتخابات ديمقراطية حرة نزيهة بشهادة دولية، تحت اشراف رئيسه البرهان، ناسياً ان هذا السفاح، قد قتل الثوار مرات ومرات، وأن مناوي والجنجويد ما زالوا يحرقون ويقتلون شعب دارفور الى يومنا هذا.
ثالثاً: جميع اعمال البرهان وقرارته لا تستند على قانون، ولا تحترم دستوراً، ولكنها كلها جميعها ترمي لفرض الانقلاب وجعله أمراً واقعاً… في ظل هذه الاوضاع المضطربة قام البرهان بتعيين رئيس القضاء من نفس قضاة الانقاذ الفاسدين الخاضعين لسلطة البشير طيلة ثلاثين عاماً، وإمعاناً في احتقار إرادة الشعب، قام بتعيين امرأة انقاذية معروفة ناطقة باسم مجلس السيادة، وهي لا تملك حق الشهادة امام المحاكم السودانية وفقاً لاحكام الحدود المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية المعيبة .. وفي احسن الحالات تملك الناطقة باسم مجلس السيادة نصف شهادة الرجل وفقاً لاحكام قانون الاثبات السوداني الانقاذي ساري المفعول … فبأي قانون تنطق هذه المرأة الانقاذية باسم الهيئة الدستورية العليا في البلاد !! مالكم كيف تحكمون.
رابعاً: اما شركاء برهان، فنجد حميدتي يحدثنا في القنوات الخليجية عن حكومة الكفاءات … عجبي ! ومن فرط غفلة حميدتي، كشف لنا اتفاق حمدوك معهم، ليبين مدى انسجام قيادتهم للبلاد، ثم يحدثنا حميدتي عن ضرورة الاسراع في الانتخابات التي تشرف عليها قوات الشرطة التي تصدق عليها بمرتب شهر مكافأة لقتلها للثوار … وبالطبع فان حميدتي يفهم الانتخابات على نفس الطريقة التي كانوا يزورون بها الانتخابات، أيام رئيسه وولي نعمته البشير، ورئيسه برهان .. أما زميله حمدوك فقد أكد عزمه على تنفيذ اتفاق جوبا، وفاءً وصيانة للعهود المبرمة مع زعيم الجنجويد ولوردات الحروب ..
أما مناوي فقد كان واضحاً، إما منصبه ومكاسبه ومكاسب جبريل والمؤتمر الشعبي وبقية المليشيات، أو الحرب داخل الخرطوم، تلك الحرب التي توعدنا بها حميدتي وبرهان وحمدوك أيضاً.
خامساً: يتضح مما تقدم، أن شعبنا الاعزل، لم تلن عزيمته، وما ضعف وما استكان، أمام بطش قوى الانقاذ التي عادت للسلطة، للمرة الثانية، بانقلاب ٢٥ اكتوبر ممتطية حصان حمدوك وحيداً، دون حاضنته قحت التي اوصلته و اوصلت الانقاذ للسلطة في المرة الاولى، بالوثيقة الدستورية المعيبة، تحت خديعة شراكة العسكريين والمدنيين … عادت الانقاذ في هذه المرة، وقد نجح حمدوك في فك العزلة عنها، ورفع اسمها من الارهاب، ودفع لها التعويضات عن جرائمها في نسف المدمرة كول وغيرها من مال الشعب السوداني … اذن عادت الانقاذ على يدي حمدوك مدعومة بالمال والسلاح والرأي والمخابرات الاجنبية …
الانقاذ قوى مسلحة طائشة، مردت على استغلال الدين لأغراض السياسة، وهي لن تتوانى في استعمال العنف .. ولا يغرن أحد عدم لجوئها للعنف اليوم، إذ أنها تظاهرت بالسماح للمواكب، خوفاً من المجتمع الدولي الذي يساندها على استحياء وتردد، وسبب آخر، أنها تريد تبييض وجه حمدوك، الذي وجه أوامره بالتسامح لشرطة لا يملك زمامها… وسبب ثالث، هو ان المكون العسكري والجنجويد، واجهزة أمن الانقاذ، قد اربكهم صمود الثوار، ولذلك فانهم يحتاجون وقتاً للتخطيط، لمواجهة المواكب القادمة، ثم الانقضاض بشراسة على شعبنا في ساعة سايكولوجية، كما فعلوا عند فض الاعتصام، أو بأي اسلوب من اساليبهم الملتوية
سادساً: بالبناء على ما تقدم، فإننا نقترح على شعبنا استثمار حصاد مواكبه، وتوظيفها بصورة تحفظ عليها سلميتها، و تصون لها حقوقها المكتسبة، وتوفر عليها المشقة المتوقعة .. ويتحقق كل ذلك بتوجيه موكب كل حي وموكب كل قرية، لاعلان واستلام سلطته الشعبية فورًا ودون ابطاء، ووضعها في يد ممثليه في حدود كل حي وكل قرية، بطريقة علنية وشفافة، يشهد عليها كل السكان المعنيين … وبذلك تبطل الانتخابات المزعومة التي يدعو لها برهان و حميدتي وحمدوك وبقية الشركاء … فقد أتاهم الثوار من حيث لم يحتسبوا، من القواعد فيخر عليهم سقف السلطة ويسقط فوق رؤوسهم عرش المال.
سابعاً: الشوارع لا تخون، ولكنها يجب ان تقوم على قواعد ثابتة في كل بيت خرجت منه وعلى كل فرد يسكن في ذلك البيت، ويجب ان تتوج الشوارع بنظام قانوني واداري في كل مدينة … وهذا هو معنى قولنا ( ثورة البيوت تقعيد لثورة الشوارع وتتويج لثورة المدن )
كل فرد هو قائد نفسه، قلبه سلطته القضائية، وعقله سلطته التشريعية، وجسده سلطته التنفيذية … كل فرد من النساء والرجال هو إمام نفسه .. فأنت إمام وانا إمام، وانت وارث وأنا وارث { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ }
وبذلك تسقط فرية البحث عن قائد التي يحاول بها الانتهازيون شق صفوف شعبنا وخلق قيادات مزيفة لتسرق ثورة ديسمبر للمرة الثالثة …
نحن لا نريد تكتلاً صناعياً، وانما نريد ان يجتمع الناس في كل حي وفي كل قرية وفي كل ادارة محلية وفي كل مدينة على المساواة امام القانون وعلى الحقوق الاساسية، وبذلك تسقط الحكومة الدينية التي حكمت بها الانقاذ شعبنا حكما ً فاسداً غاشمًا لمدة ثلاثين عاماً …
اي فرد هو غاية في ذاته، ويجب الا يستغل كضحية مقتول، أو جلاد قاتل، وبذلك تتم تصفية الجيش والمليشيات على الطريقة القانونية والحضارية المبينة في مقترح المدن المرفق.
ثامناً: اذا لم يقم الثوار الآن، وقبل فوات الأوان، بتأسيس مقترح مدن السودان المتحدة المرفق، واذا لم يستلم الشعب السلطة بنفسه، ويملأ الفراغ الدستوري فوراً، فإن برهان وحميدتي وحمدوك وزمرتهم من المليشيات وفلول الانقاذ سيجعلون انقلابهم العسكري أمراً واقعاً، يكلف اقتلاعه جهداً وزمناً .. بل بالفعل فقد شرع برهان في جعل انقلابه أمراً واقعاً، رغم ضعف حبكته، وظهور وهنه وكذبه وتدليسه
لقد استعلى شعبنا على الخوف من الموت، وصنع ثورة السلام التي لا تخبو جذوتها، ولا ينطفئ نورها، ولذلك فاننا نقول لشعبنا بقول المهيمن الأسمى { قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ }
وعلى الله قصد السبيل، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله.


بدرالدين يوسف السيمت
٢٥ نوفمبر ٢٠٢١

 


رابط ميثاق مدن السودان المتحدة
إشترك
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
عرض جميع التعليقات
0
نرحب بمشاركتك في التعليقاتx
()
x