البيان الاربعون

الكيفية العملية لملء الفراغ الدستوري والاداري الذي خلقه التقتيل والدمار الذي يمارسه الجيش والدعم السريع على الشعب السوداني الاعزل
أولًا: الحرب الطاحنة المستعر لظاها في الخرطوم وامدرمان وبحري والجنينة ليس لها توصيف سوى أنها ابادة جماعية للشعب السوداني الاعزل وتهجير قسري وإخراج للناس من ديارهم بغير حق وتدمير شامل لسوداننا الحبيب …
هذه هي الاعباء التي وقعت على الشعب الاعزل..
اما من جانب الحكومة فلم تعد هناك حكومة ولا مؤسسات دولة …
لقد ظلت البلاد تحكم منذ اكتوبر ٢٠٢١ بانقلاب عسكري دبره ونفذه برهان وحميدتي وقادة المليشيات جبريل ومناوي وعقار وحجر والهادي ادريس … ولقد اقامت هذه الحكومة الانقلابية اسس وزاراتها واداراتها على اتفاقية جوبا والتي وقعها زعيم الجنجويد حميدتي مع قادة المليشيات، بدعم من المجتمع الدولي.
ثانياً : تحت ظلال فوضى الحرب ، وفتح النار على القصر الجمهوري والقيادة العامة ، وتنابز رئيس مجلس السيادة ونائبه بعبارات المجرم والمتمرد ، لم يعد هناك مجلس سيادة ، ولا مؤسسات دولة ، وانما هو الفراغ الدستوري والاداري …
ثالثاً : في خضم هذه الحرب اللعينة ، ظلت كثير من المدن السودانية بعيدة عن الحرب ( مدني ، شندي ، عطبرة ، كريمة ، مروي ، دنقلا ، بورتسودان ، كسلا ، القضارف ، كوستي ، الدويم كادوقلي ، الدمازين … الخ ) تنعم بالاستقرار والأمن في جميع المدن التي لم تطلها يد الحرب ، نظم الشعب ولجان المقاومة بصورة تلقائية خططاً في تأمين المواد الغذائية والاوضاع الصحية وإعداد العدة لاستقبال الوافدين عليهم من مناطق الحرب..
هنا ظهرت اخلاق السودانيين الأصيلة وكرمهم الفياض ومروءتهم النادره
في استقبالهم لكل من لجأ اليهم بكل الود والحب والايثار :
{ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ }
بمعنى آخر ، قام الشعب مقام الحكومة … فما هي الحكومة ان لم تكن خادمة الشعب !
رابعاً : من الناحية العملية والتطبيقية ، فقد قام الشعب مقام الحكومة .. اذن لماذا لا تنشئ الاحياء والقرى و الادارات المحلية حكوماتها في كل مدينة ؟ ولماذا تسمي اللجان نفسها بالمقاومة ؟ مقاومة لمن ؟ ان هذه اللجان حكومات محلية قائمة بالفعل، تجد التأييد والمساندة من الشعب الاعزل الذي فجر الثورة السلمية …
من اجل تجنب الصدام مع ما تبقى من مؤسسات الدولة المهترئة البالية ، وحفاظاً على سلمية الثورة ، فقد اقترحنا على شعبنا منذ وقت بعيد اقامة حكوماتهم المحلية في منازل عادية بعيدًا عن مؤسسات الدولة .
خامسًا : لقد ترك سقوط البشير في ابريل ٢٠١٩ فراغاً دستورياً و إدارياً ، اقترحنا على شعبنا ملأه بحكومات المدن ، الا ان قوى الحرية والتغيير قادت الشعب وهو معصوب العينين للتحالف مع الجيش والدعم السريع في مهزلة الوثيقة الدستورية التى وقعها زعيم الجنجويد حميدتي مع ممثل قحط احمد الربيع..
وغني عن البيان ان برهان وحميدتي قد دبرا ونفذا انقلاب اكتوبر ٢٠٢١ متنكرين للوثيقة الدستورية والاتفاق السياسي..
لقد خرج الشعب في مواكب مليونية هادرة ضد الانقلاب المشئوم ..
نصحنا شعبنا يومئذ بملء الفراغ الدستوري والاداري الا ان قحط اخطأت للمرة الثانية وقادت شعبنا للتفاوض مع مبعوث الامين العام للامم المتحدة فولكر في مهزلة حوار الاتفاق الاطاري مع نفس البرهان وذات حميدتي .. ولقد حذر مركز دراسات التأويل من مغبة هذا الاتفاق الجائر وخاطبنا مسئولي العالم الذين نصحوا الضحية بالاتفاق مع جلادها الخائن الغادر
وها هو الاتفاق الاطاري يحترق اليوم تحت نيران حرب الجيش بقيادة البرهان والدعم السريع بقيادة حميدتي .
سادسًا: اننا نعيش في عصر جديد انتهى فيه عهد الدولة المركزية القومية القابضة التي تقهر شعبها بجيشها واجهزة أمنها، والتي تحكم محاكمها بالاعدام على افراد شعبها… اننا نعيش في عصر لم تعد الحرب تحل فيه مشكلة ، بل تكون وبالاً على المنتصر والمنهزم …لقد اظلنا عهد الافراد الاحرار من النساء والرجال والذين يعيشون في بلاد الحرية والسلام والعدالة حيث الحكومة خادمة الشعب في مدن ذات استقلال مالي واداري ترتبط بعواصمها في كل متسق بالتخطيط والتنظيم
سابعًا: اقامة جمهورية مدن السودان المتحدة ضرورة تمليها ازمات السودان المتلاحقة والتي هي جزء لا يتجزأ من الازمة العالمية … اقامة جمهورية مدن السودان المتحدة ضرورة يمليها تحقيق السلام والعدالة … لقد كلمنا الله بذلك عند سقوط البشير في ابريل ٢٠١٩ فلم نفهم ، ثم كلمنا بذلك مرة ثانية في انقلاب برهان وحميدتي وقادة المليشيات في اكتوبر ٢٠٢١ فلم نفهم ، وها هو يكلمنا اليوم وللمرة الثالثة ، بصورة دامية واليمة شديدة في هذه الحرب الطاحنة ، فارجو ان نسمع الآن ولا نلتفت لدعاة التحالف مع الدعم السريع والجيش السوداني … لقد ظهروا لنا اليوم في ثوب جديد اسموه الجبهة المدنية لايقاف الحرب واستعادة الديمقراطية … هذه الجبهة هي نفس قحط ونفس الاحزاب السياسية ونفس الشخصيات الوطنية ونفس الطرق الطائفية تحت اسم مستعار وثوب مزيف .. وهل كانت هناك ديمقراطية حتى تستعيدها هذه الجبهة المدنية ! ليت شعري متى يفهم شعبنا انه الآن يمسك سلطته في يده ولم يبق الا تنظيمها دستوريًا وادارياً
ثامنًا: من اجل تحقيق التنظيم الدستوري والاداري وملء هذا الفراغ الرهيب ، سوف يقدم مركز دراسات التأويل لشعبنا في غضون الايام القليلة القادمة مشروع دستور جمهورية مدن السودان المتحدة ، مقعدًا ومبوباً ومنظماً للحقوق الاساسية ومشفوعًا بمذكرة تفسيرية..
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
 
بدرالدين يوسف السيمت
مركز دراسات التأويل
٢٩ ابريل ٢٠٢٣
إشترك
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
عرض جميع التعليقات
0
نرحب بمشاركتك في التعليقاتx
()
x