البيان الخامس والاربعون

الإعدامات الميدانية وإنتهاك حقوق الانسان في مجازر الفاشر و سفك دماء المواطنين العزل وترويعهم في مجازر بارا امتداد وتصعيد لجريمة ابادة الشعب السوداني التي دبرتها ونفذتها قوى حكومة الانقاذ المكونة من الدعم السريع والجيش السوداني وحلفائهم بدعم دولي منذ ان اشعلوا نار الحرب في ١٥ ابريل ٢٠٢٣

أولاً: هناك إجماع عالمي عبرت عنه الهيئات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة والمنظومات الدولية الأخري مثل الاتحاد الأوروبي بأن الحرب الأليمة الموجعة التى تدور رحاها في السودان منذ ١٥ أبريل ٢٠٢٣ تعتبر “أكبر كارثة إنسانية مسجلة علي الإطلاق”
وبالرغم من كل هذا فقد استمرّت الكارثة دون حل لما يقرب من الثلاث سنوات! بل ازدادت حدتها بالمزيد من سفك الدماء والتهجير القسري وانتهاكات حقوق الإنسان.

ثانياً: بناء على ما ورد أعلاه، هناك سؤال هام يطرح نفسه: لماذا تستمر هذه الكارثة وبهذه الصورة البشعة؟
نحن في مركز دراسات التأويل نرى أن السبب يكمن في أن صاحب الحق والمجني عليه في هذه الحرب -وهو الشعب السوداني الأعزل- لم يتمكن من طرح قضيته بنفسه ومن ثم يتولي الدفاع عنها، وإنما تولى تقديم القضية المتهمون الذين دبروا ونفذوا جرائم الحرب التي يرتكبونها ضد الشعب الأعزل.
لهذا السبب تم تقديم القضية بصورة مضللة وملتوية تخفى الوقائع وتطمس البينات، ومن ثم تذهب بالرأي العام المحلي والدولي بعيداً عن واقع الحال وأصل المشكلة.

ثالثاً: البرهان وحميدتي هما يدا الإنقاذ الملطخة بدماء الشعب السودانى منذ حرب دارفور في ٢٠٠٣، وقد ثار شعب السودان ثورة سلمية غير مسبوقة أطاحت بحكومة الإنقاذ المدججة بالسلاح … ولم تفلح محاولات الإنقاذ العنيفة لقمع الثورة، أو الالتفاف حولها.
اذن لا يوجد اختلاف او عداوة بين برهان وحميدتي، والذي يجمعهما هو الرغبة في الانتقام من الشعب السودانى الذي اسقط نظام الإنقاذ سلمياً.
على هذا الأساس ، اجتمعت إرادة الرجلين على اذلال الشعب السوداني وإهانته في محاولة لإثبات أن العنف وقوة السلاح هما الوسيلتان الوحيدتان للحكم وإقامة الدولة أو أن “المجد للبندقية” بحسب تعبير البرهان، وبحسب تعابير حميدتي التي يتوعد ويهدد فيها الشعب السودانى مثل قوله “عمارات الخرطوم تسكنها الكدايس”!

رابعاً: لقد ظلت الرواية الرسمية التي يرددها الإعلام ويتداولها السياسيون تُوهم الرأي العالمي بأن هنالك حرب بين الجيش السوداني والدعم السريع.
بناء على هذا التوصيف الخاطىء فقد انحصرت كل المبادرات لتحقيق السلام في محاولة للجمع بين ‘طرفي الصراع’، أي بين برهان وحميدتي وذلك إبتداءً من إعلان جدة في ٢٠ مايو ٢٠٢٣ وحتى آخر المحاولات في إجتماع الرباعية في ٢٥ اكتوبر ٢٠٢٥.
جميع هذه المبادرات لم تتجاوز مرحلة وقف إطلاق النار وفتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات الإنسانية دون النفاذ لأسباب الحرب الحقيقية الموضحة أعلاه.
وقد فشلت جميع محاولاتهم حتى على هذا المستوى الإبتدائى.

خامساً: بناء على هذا التوصيف الخاطىء للحرب، فقد تمكن الدعم السريع من الزعم بأن استيلاءه على الفاشر يمهد للزحف على بقية المدن في كردفان والشمالية ووسط السودان وحتى بورتسودان من أجل تأسيس الدولة وهزيمة ‘الفلول’،
ومن الجانب الآخر زعم برهان أنه عازم على هزيمة التمرد!
إن ادعاءات الدعم السريع والجيش لا تعني سوى استمرار الطرفين في ارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية.

سادساً: يعرف القانون الدولى جريمة الإبادة الجماعية كما يلي:

الإبادة الجماعية هي أفعال متعمدة تُرتكب بهدف تدمير مجموعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية بشكل كلي أو جزئي. تُعرف هذه الأفعال قانونًا بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، وتُصنَّف كجريمة دولية.
تشمل الأفعال التي تشكل إبادة جماعية:
قتل أعضاء الجماعة.
إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء الجماعة.
فرض ظروف معيشية يراد بها تدمير الجماعة ماديًا كليًا أو جزئيًا.
فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة.
النقل القسري لأطفال من الجماعة إلى جماعة أخرى.
تتطلب الإبادة الجماعية وجود نية محددة لتدمير المجموعة المستهدفة، ويكون الضحايا مستهدفين بسبب انتمائهم الحقيقي أو المتصور لهذه المجموعة.

علي ضوء التعريف اعلاه يمكننا ان نرى بوضوح استيفاء افعال الدعم السريع والجيش والميليشيات التابعة لهم لجميع عناصر الجريمة مع توفر الأدلة على القصد الجنائي في تدمير وإبادة الشعب السودانى.

سابعاً: على ضوء هذا التحليل الذي يضع الأمور في نصابها، فانه يتعين على الشعب السوداني ان يمسك قضيته العادلة بيده ويقدمها للرأي المحلى والعالمي موضحاً حقيقة ما يجرى من إبادة جماعية يقوم بها مسلحو الإنقاذ ضده، فالصراع ليس بين الجيش والدعم السريع وإنما هو الفتك والبطش ضد الشعب الأعزل يدبره وينفذه المسلحون من الدعم السريع والجيش في تبادل ادوار مكشوف وظاهر ولكن غطى عليه غبار كثيف من التضليل الإعلامي المنظم.

ثامناً: إذا تم هذا التصحيح، فإن الأمل معقود في ايقاظ ضمير شعوب العالم لمساندة الشعب الأعزل في قضيته العادلة، مما يفتح الطريق أمام إلزام مؤسسات القانون الدولي للقيام بواجبها في وقف الإبادة الجماعية وتحقيق السلام ، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

 

بدرالدين يوسف السيمت
الثامن والعشرون من اكتوبر ٢٠٢٥

إشترك
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
عرض جميع التعليقات
0
نرحب بمشاركتك في التعليقاتx
()
x