الحلقة (٣٧)

{تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ }

سماع كلمات القرآن بانصات في اللحظة الحاضرة والرؤية البصيرة لجولان الافكار في عقولنا وهي تجوس خلال الماضي والمستقبل

تشغيل الفيديو

١- الرحمن خلق الإنسان ، نفحة من نفحات الإطلاق … فانطلقا حتى إذا ركبا سفينة سورة الطلاق ، خرق الرحمن حجاب الوهم ، و وجب الفراق .. قتل الرحمن غلام الخيال ، وأقام الجدار على الحدود ، ومن يتعدى حدود الله، فقد ظلم نفسه وبقي في القيود … ومن يتق الله ، كان الله مخرجه ، ومن يتق الله كان امر الله امره و مطلبه ، و من يتق الله كان الله جاره و مدخله … فصار الثلاثة واحدا بوجود الله المنان ، فلزم الناس البيوت ، فقد انقضى السير في عدة الأيام ، فتم طلاق الروح للنفس و وضعت الأحمال.. و بقي الله معروفا، خالدا في إسمه الرحمن ، و صار الإنسان حرا طليقا سارحا في مقامه، مقام الإحسان
٢- بانت البينة ، و ثبت الدليل للعيان … عقل مستنير ، رسول من الله ، يتلو صحائف اللطائف في رقة و حنان … العبادة إخلاص ، و الصلاة صلات ، والدين قيم رفيعات ، والزكاة فضلة الرحمن .. انفكت عقد الشرك ، و زال الشك ، فالله واحد ما له ثان .. فتفرق اهل النصوص ، فهم شر الإنسان في كل إنسان.. رضي الله عنكم و عنا ، وبقي الخير في الإنسان رضوان فوق رضوان
٣- بقي الله علامات بينات في الصدور ، وذلك اول الحشر والخروج من ظلام القبور … أتاهم الله بغتة من حيث لم يحتسبوا ، وكتب عليهم الجلاء والإستنارة والنور ، أفاء الله عليهم كما أفاء على الرسول ( وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ ) فهم اهل الإيمان ، أهل الدور … نزل من قلوبهم القرآن ، فتصدعت العقول .. هو الله ، هو الله ، هو الله ( سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) و مازال الحق حقا في الظهور و في البطون ( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )
٤- في تلك الأمكنة العوالي و الدرر الغوالي .. كان لابد من فحص المعقبات في الأيام الخوالي … جاءت سورة النور موثقة الحشر بموالاة التسبيح في يوم النشور .. إستنارة تسري في الظلام و في الأحزان و في السرور … الزنا شرك والواحد باق في الإثنين ابد الدهور … تبديل جلود وعذاب في الآفاق ، و الحق عذب حلو المذاق و الشهد شهود في الأعماق … النبي المعصوم حكى الذي رأى ، فطرة الخلاق … والتحليل والتحريم إفتراء و شقاق، والذين جاءوا بالإفك والتشريع عصبة من اهل النفاق
٥- ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ ) ولا تزكوا انفسكم ، فالزكاة من فضل الرحمن ، والصلاة صلات ، والطيبون للطيبات والخبيثون للخبيثات ، فلا تدخلوا البيوتات ، حتى تستأنسوا وتسلموا ، الماضي مضى، وبقي الذي في كل وقت آت … غضوا الأبصار في بيوت العقول ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
٦- و كانت تلك التوبة الجمعية ، تذليلا للعقول للولوج في وادي النور … ظهر الله للإنسان الذي هو مثله ، بالسموات والأرض التي هي مثله ( وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ ) علامات متفرقات … مصباح و مشكاة ، و شجرة مباركة ، و كوكب دري ..جمع الوسط المتفرقات ، فلم يغمرها ظلام الغروب ، و لم يحرقها حر الشروق .. انقشع الضباب ، و رفع الله اليه عقول أولي الألباب .. واختفى السراب.. فلم تكن الأشياء شيئا ، و إنما ملأ الكون نور الله الوهاب ( حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ )
٧- ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) وضعت أحمال الزمان و انقضت سنين الغرق في اللجة ، و اكتملت الحجة ، في ذي الحجة .. الساعة لا شك فيها و لا ريب .. و في كل زوج ، واحد بهيج بلا عيب .. تحقيق الحق ، و قدرة القدير ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ )… وما زال اهل العدوان ، خصمان في ربهم يختصمون ، في غمرة ساهون .. نسوا انهم ذرة من تراب أرضهم .. و أرضهما قبضة من ذراري شمسهم … جلودهم قطعة من اشعة الشمس والحميم ، ولولا أنكم كفار ، كيف يخرج من النار من هو نار ! انتم من نور الشمس ماء ( جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ )
٨- من أتى من الفج العميق ، فقد دخل البيت العتيق ، ومن يشرك بالله فقد هوى في المكان السحيق
والبيت هو قلبك ، بيت الله بيت اليقين، سلام على مقام إبراهيم… وإبراهيمك صار مكان البيت بواء ، سواء بسواء ( وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ ) لن ينال الله لحومكم ولا الدماء..

اذا شعرتم بوجود الله ضياء، عظموا شعوركم فشعوركم صفاء، وغفلات العقول الى أفول و غروب ( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ )
بتقوى القلوب ينسخ الله ما يلقي الشيطان ، و الطالب و المطلوب ضعيفان ..
و القدرة قدرة الله القدير ( وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ )

بدرالدين يوسف السيمت
مركز دراسات التأويل
١١ يوليو ٢٠٢٠

تابعنا على تليجرام

0
نرحب بمشاركتك في التعليقاتx
()
x