سماع كلمات القرآن بانصات في اللحظة الحاضرة والرؤية البصيرة لجولان الافكار في عقولنا وهي تجوس خلال الماضي والمستقبل
- عودة
- 10 يوليو 2020
- 9:00 م
- الحلقة (٣٦) – السير في طبقات العقل
١- أثخن السير في بواطن العقول ، فزلزلت طبقات الفهوم ، فأخرجت الأرض التي نقف عليها أثقال الزمان ، و خاطب الحجر الإنسان ، بألسنة شتى تنطق بكتاب الأعمال ، فرأى الناس الخير خيرا ، والشر شرا ، قسطا وعدلا، بلا نسيان … بالوحي والإلهام ، وضعت مثاقيل الذر في الميزان
٢- ثم اطلت السور المسبحات ، مسبحة بالقول السديد ، وعاد الأول هو الآخر و الظاهر هو الباطن في سورة الحديد.. و هو معكم أينما كنتم بنور القرآن المجيد … تدفق النور حتى ملأ الأكوان … وراءكم في قلوب المنافقين، و أمامكم في قلوب ذوي الإحسان … ثم فتح الباب ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ ) .. لهو و لعب ، و زينة و تكاثر ، فلا يكن طرفك اعمى عن تناويع الأشاير
٣- ثم نزل البصر الحديد ، مع كتاب الحق والميزان ، كتاب واحد ، كثير الكلمات ، متعدد الألوان ، و لكل رسول حجة ، و لكل رسول بيان … فهو طبق النصوص ، عند أهل الخصوص … عجز أهل الحروف والكتاب ، ومشى بالنور اولو الألباب ، فالفضل بيد الله الوهاب ( يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )
٤- ثم طاب الزمان الجميل ، وعاد محمد في مقام الحق المبين .. ماء و لبن، و خمر و عسل .. كلها أمثال ، فلا تنخدع عن الذات بالأطلال … فالساعة تأتي بغتة ، فلا تكن من ذلك في بهتة … أرضوا بما قسم الله لكم ، و من كره فإن الله يحبط الأعمال … و من تولى، فإن الله يبدل الأمثال … متقلب الى زوال و فناء، و مثوى ضياء و بقاء ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّه ) واستغفارك لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات أعظم الوفاء
٥- ثم صار صوت الوحي عاليا ، رعود و بروق واستواء في سَمْك السماء السامية ( وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ) ذهاب و إياب ( المر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ ) … رفع الله السموات من غير عماد … شموس واقمار وافلاك … قطع متجاورات .. زرع و ثمرات .. و ان تعجب فاعجب من نفسك التي في عناد .. حان الحين و طابت الأوقات .. ارفع العقبات، يحفظك الله في امره ، و الأمر آت
٦- خلقوا اعمالهم فتشابه الخلق عليهم ( قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ثم سال كل واد بقدره فِعلُ القدير المتعال … الوادي المقدس من غير مثال ، و وادٍ غير ذي زرع كثير الأنفال، و وادي النمل يهد الجبال، والشعراء يهيمون في وادي الإلهام ( وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ ) .. والله يحكم لا معقب لحكمه ، جاء الخير في كتاب الطيوب ( أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) والذي عنده علم الكتاب يشهد شهادة الله ، والله شهود
٧- الرحمن بدأ بتعليم القرآن ثم خلق الإنسان ثم رفع السماء و وضع الميزان ( وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ) السماء وردة كالدهان ، فقد أتي السلطان ، للخروج من ربقة الاكوان ( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) …. إلتقى بحر الروح وبحر المادة في الإنسان … المعالي حظ الناس جميعا ، الا من أبت نواصي عقله فزلت الأقدام .. وما زالت عين البصيرة في اللحظة الحاضرة ( حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) ارائك الاجساد بطائنها بروق النور وعقلها عبقري حسان ( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) عينان نضاختان تجريان بين ياقوت الصفات ومرجان الأعمال ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ )
٨- ثم فصّل الرحمن عظمة الإنسان ، في سورة الإنسان … الإنسان صاحب الدهر لم يكن شيئا مذكورا ، فوجد الله عنده منشورا ( حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ ) … ومن أعجب الأمر أن الإنسان صاحب الدهر يهلكه الدهر ، فقد جاءت في الكتاب ( وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ) لؤلؤا منثورا، ومصابيح العقول تحت التراب مقبورا … انما نطعمكم لوجه الله ، تأسيا بربكم الذي سقاكم شرابا طهورا .. فإن شئت الصرف ، فكن صرفا ( نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا) وان شئت المزج ، فامزج بالكافور والزنحبيلا
( وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) ثم لا تأبه لكثرة القيود ، وشدة الأسر ، فقد قال من جل ( وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا ) فمشيئته مشيئتك ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا )
بدرالدين يوسف السيمت
مركز دراسات التأويل
١٠ يوليو ٢٠٢٠
تابعنا على تليجرام