سماع كلمات القرآن بانصات في اللحظة الحاضرة والرؤية البصيرة لجولان الافكار في عقولنا وهي تجوس خلال الماضي والمستقبل
- عودة
- 27 يونيو 2020
- 9:00 م
- الحلقة (٢٣) – السير في طبقات العقل
١- ارتقب السورة الخامسة من الحواميم، تجد افكارك دخانا ولكنه مبين … وقد جاءت البينة، ووضوح الرؤية، من نزول القرآن من قلبك على عقلك في لحظة قاهرة، اسماها ليلة مباركة ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) .. بالحكمة تجمع الأمور المتفرقات في موسى وفرعون وفي شجرة الزقوم، وفي عذاب حميم، فيكشف الله العذاب عن المؤمنين
٢- هذا الجمع جمع للموت والحياة في موتة واحدة، لا ضد لها… ليس فيها حور، وليس فيها جحيم … إنها أمن، من فوقه أمن، ومن تحته أمن.. مقام واحد لكل المتقين … من المقام الواحد، ترى جسدك جثة جاثية على عقلك بالشمال واليمين ( حم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)
٣- في سورة الجاثية كشف إيمانٍ وفتح عقلٍ، بنور اليقين .. الموت والحياة سواء، وإنما يهلك الدهر المشركين .. كتاب عقلنا نسخة الأعمال، وتعاقب الكائنات في دورات السنين، وما زالت الساعة حقاً في كل لحظة، ومازال الله حقاً في كل حين ( فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
٤- وختام الحواميم مطوي في جبل الأحقاف، وكثيب الرمال جنات الفاف، فقد صار القليل كثيرا، والذليل رفيعا … عزة عزيزة، وحكمة حكيمة، وهم عن علم الآثار معرضون .. فلا يغرنك دعاؤهم، فإنه غفلة ( وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ) .. ولا تخدعنك عبادتهم، فإنها حجاب ( وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ )
٥- اخلع نعليك ، فربك بين يديك، فلا تقل بقولهم، وقل بقول رسول عقلك ( قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُل وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ) فالعجز عن إدراك الإدراك إدراك، فقد جن الليل في عقل الخفاء والإنصات، فلا تذهب في حياتك الدنيا الطيبات .. لا خوف، لا حزن.. كلمات مستقيمات ( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) فان تفجير العلم ذري في الذاريات
٦- ذرة ولكنها ذروة منيفة … خفيفة ولكنها وقرا ثقيلة ( وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا).. الامر واحد، قسمته وما انقسم ( فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا) جاريات في يسر واقفات، لأن صاحب الوعد أوفى الوفاء الظاهر، وصاحب الدين في كل وقت حاضر ( إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ )
٧- غمر عقلك الماضي، فلا تحدق في سهو الزمان، فارض عقلك الآن مليئة بالإيقان ( وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) زوجية الاضداد، تجوس في عقلك وفي البلاد .. ضيف ابراهيم المكرمين، وعجوز عقيم، وغلام عليم، وحجارة من طين، وفرعون وموسى صاحب السلطان المبين ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) .. فِروا من زوجية الأضداد إلى من لا ضد له ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ)
٨- وإنما كانت النذارة بينة حكيمة، لأن غاشية العقول سحابة تخفي الشمس العظيمة .. عمل ونصب وجوع ضريع.. اخفى الوجوه الناعمة والجنة العالية، وسر السراير المرفوعة في حلل الاسلام المصفوفة .. فاذا رضيت بسعيك، عرفت سر خلقك .. فسماء عقلك منصوبة مرفوعة، وارض عقلك مبسوطة موضوعة .. وبكل ذلك ذكرك النبي المذكر، وما هو عليك بمسيطر … ومن جعل النبي مسيطرا، فقد تولى في ماضي الزمان، واحتجب عن حاضر الأكوان، فعذبه الله العذاب الأكبر، إيابا وحسابا، فقد كان الجزاء وفاقا
بدرالدين يوسف السيمت
مركز دراسات التأويل
٢٧ يونيو ٢٠٢٠
تابعنا على تليجرام